بتاريخ 30/10/2018 أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد المرسوم بقانون رقم 19/2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، ويهدف القانون الى استقطاب وتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر وترسيخ مكانة دولة الامارات العربية المتحدة كمركز جذب رئيسي للاستثمار الاجنبي المباشر. وضع قانون الاستثمار الأجنبي المباشر رقم 19/2018 أحكاماً من ضمنها تعريف المستثمر الأجنبي والاستثمار الأجنبي، وكذلك احكاماً تتعلق بالحماية التي يوفرها القانون للمستثمر الاجنبي الذي يوفى متطلباته. وحدد القانون كذلك طرق لفض المنازعات إذا ما تعرض المستثمر الأجنبي لأضرار ناتجة عن ممارسة الدولة أو أحد أجهزتها، وخيَر القانون المستثمر الأجنبي بين اللجوء الى أي من الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، أو اللجوء الى المحكمة المختصة فى الدولة والتي يتوجب أن تنظر فى النزاع بصفة مستعجلة. نتناول في هذا الجزء وهو الاول من ثلاثة أجزاء، فض المنازعات في ظل قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وأثر ذلك على المستثمر الاجنبي وعلى الدولة والاقليم، ونلقى نظرة عامة على آليات فض المنازعات المنصوص عليها فى القانون آخذاً فى الحسبان اعتبارات معينة.
تنص المادة 12 من القانون على:
ونلاحظ أن نص المادة قد جاء عاماً فى صياغته، إلا أنه يتيح للمستثمر الأجنبي اللجوء الى الوسائل البديلة لفض المنازعات والتي يمكن أن تشمل الصلح، قرار الخبير، الوساطة والتحكيم. ويتيح القانون كذلك للمستثمر الأجنبي خيار اللجوء الى المحاكم المحلية فى الدولة والتى يتوجب عليها نظر النزاع بصورة مستعجلة. كما يمكن للمستثمر بموجب الحكم الوارد فى المادة 12 ان يختار اللجوء الى التحكيم الدولي ((المركز الدولي لفض منازعات الاستثمار، غرفة التجارة الدولية، محكمة لندن للتحكيم الدولي وما إلى ذلك من مؤسسات التحكيم)) لفض النزاع، إلا أن ذلك يتطلب موافقة دولة الإمارات العربية المتحدة على هذا النوع من التحكيم. وسننظر أدناه فيما إذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد قدمت مثل هذه الموافقة من خلال ما نص عليه قانون الاستثمار الأجنبي المباشر.
أثر النص المتعلق بفض المنازعات:
يتوقف مدى تأثير ما نص عليه القانون بشأن فض المنازعات، على ما إذا كان ما نص عليه القانون يمثل قبولاً من الدولة بالوسيلة التى يختارها المستثمر الاجنبي لفض النزاع. لم تحدد المادة 12 من القانون آلية محددة لفض النزاع وإنما تركت الخيار للمستثمر الأجنبي ليحدد الوسيلة التي يختارها، فهل يعنى ذلك ان دولة الإمارات العربية المتحدة قد وافقت مسبقاً على اية وسيلة يختارها المستثمر الأجنبي لفض النزاع؟، لا شك أن الاجابة المباشرة على هذا السؤال هي النفي.
وقد يبدو للوهلة الاولى أنه إذا اتاح تشريع وطني لمستثمر أجنبي أن يختار آلية فض المنازعات التى يراها من بين ما نص عليه هذا التشريع من آليات، فإن ذلك يمثل قبولاً للآلية التي يختارها المستثمر الأجنبي، لأن النص على الخيارات قد يُنظر إليه كعرض مقدم لمجموع المستثمرين الأجانب، ولكن تشريعات الاستثمار الأجنبي التي تعطي مثل هذا الخيار بشأن آلية فض المنازعات، لا تقصد أن يعنى هذا الخيار قبول الدولة باللجوء الى التحكيم أو الى أية وسيلة أخرى يختارها المستثمر الأجنبي، وإنما يعني أن الدولة تقدم وحسب خياراً بشأن وسائل فض المنازعات.
ونجد هذا الخيار فى تشريعات استثمار وطنية عديدة أخرى، فعلى سبيل المثال ينص قانون الاستثمار فى دولة سيشل فى المادة 5/3 على انه يجوز للمستثمر الأجنبي المتضرر أن: ((يلجأ الى غير ذلك من وسائل فض المنازعات)). إن العديد من تشريعات الاستثمار الوطنية تتطلب لتطبيق هذا الخيار، وجود موافقة مسبقة مثل شرط تحكيم فى اتفاقية استثمار، أو اتفاقية بين الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي. ولا يمكن القول بوجود قبول مسبق من الدولة للآلية التي يختارها المستثمر الأجنبي إذا لم يكن ثمة مثل هذه الاتفاقية.
ليس فى قانون الاستثمار الاجنبي المباشر لدولة الإمارات العربية المتحدة، ما يمكن أن يمثل موافقة من الدولة على وسيلة محددة لفض النزاع، ويُتطلب لمثل هذه الموافقة وجود اتفاقية منفصلة تتضمن قبول الدولة بوسيلة محددة لفض النزاع.
يسمح القانون كذلك للمستثمر الأجنبي باللجوء الى المحاكم المحلية فى دولة الإمارات العربية المتحدة. فى الجزء الثانى سنتناول تعريف القانون لكل من المستثمر الأجنبي والاستثمار الأجنبي، وأثر المعاهدات التي صادقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة فى ضوء ذلك التعريف.
سجل الآن لتصلك أحدث المستجدات القانونية، وآخر الأخبار، والفعاليات القادمة من بن نخيره ومشاركوه.
أبوظبي : منطقة الكرامة, شارع المطار, بناية الشيخة جميلة, مكتب 206
دبي : الخليج التجاري, شارع المستقبل, برج ايريس باي, مكتب 1610
الايميل: [email protected]
الاثنين – الجمعة : 08:00 – 18:00
السبت والاحد : عطلة