أحكام الشريعة الإسلامية بين القوة الذاتية والتبني التشريعي: دراسة تحليلية موسعة

تحتل الشريعة الإسلامية مكانة محورية في المجتمعات الإسلامية، وتثير مسألة إلزاميتها القانونية جدلاً واسعًا بين الفقهاء والمشرعين: هل تستمد قوتها من ذاتها كتشريع إلهي أم من تبني الدولة لها ضمن قوانينها الوضعية؟ تستعرض هذه المقالة الاتجاهات الفكرية حول هذه المسألة، وتقدم تحليلاً لتجربة دولة الإمارات في تقنين وتطبيق الشريعة ضمن منظومتها القانونية.

تعريفات ومفاهيم أساسية

الإسلام والشريعة

  • الإسلام: دين سماوي يقوم على التوحيد، ويشمل العقيدة، العبادات، المعاملات، والأخلاق.
  • الشريعة الإسلامية: مجموعة الأحكام الإلهية التي تنظم حياة المسلمين في مختلف المجالات، مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية.

الفقه الإسلامي والتشريع

  • الفقه الإسلامي: اجتهادات العلماء في تفسير وتطبيق نصوص الشريعة على الوقائع المستجدة، ويتميز بالمرونة والتنوع.
  • التشريع الإسلامي: عملية سن القوانين المستندة إلى الشريعة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والسياسية.

الاتجاهات الفقهية والقانونية حول إلزامية الشريعة

الاتجاه الأول: القوة الذاتية لأحكام الشريعة

  • يرى أنصار هذا الاتجاه أن الشريعة ملزمة بذاتها، كونها صادرة عن الله تعالى، ولا تحتاج إلى اعتماد من السلطة التشريعية.
  • يستدلون بآيات قرآنية مثل:
    “فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم…” (النساء: 65)
  • يعتبرون أن مخالفة الشريعة خروج عن الإسلام، وأن أي قانون وضعي يخالفها باطل.

الاتجاه الثاني: التبني التشريعي للشريعة

  • يرى هذا الاتجاه أن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة بإضفاء الصفة الإلزامية على الأحكام، حتى لو كانت مستمدة من الشريعة.
  • يؤكدون أن تطبيق الشريعة في المجتمعات الحديثة متعددة الديانات والثقافات يتطلب تقنينها عبر مؤسسات الدولة، حمايةً للنظام العام.

الاتجاه الثالث: التوفيق بين الاتجاهين

  • يدعو هذا الاتجاه إلى الجمع بين احترام قدسية الشريعة وضرورة تبني الدولة لها تشريعياً.
  • يوصي بتطبيق الشريعة تدريجياً وبما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والسياسي، لضمان الاستقرار وتحقيق العدالة.

مصادر الشريعة الإسلامية في التشريع

المصادر الأصلية

  • القرآن الكريم: المصدر الأول للتشريع، ويحتوي على قواعد عامة وأحكام تفصيلية.
  • السنة النبوية: توضح وتفصل ما جاء في القرآن، وتضيف أحكامًا جديدة.

المصادر التبعية

  • الإجماع: اتفاق علماء الأمة على حكم شرعي في مسألة معينة.
  • القياس: إلحاق واقعة جديدة بحكم شرعي سابق لعلة مشتركة.
  • الاجتهاد والمصالح المرسلة: أدوات لتجديد التشريع بما يحقق مقاصد الشريعة.

تطبيق الشريعة الإسلامية في التشريعات الوضعية

تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة

  • نص الدستور الإماراتي على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.
  • تم تقنين العديد من أحكام الشريعة في قوانين الأحوال الشخصية، المواريث، وبعض المعاملات المدنية.
  • تلتزم المحاكم الشرعية بتطبيق أحكام الشريعة في القضايا الأسرية، بينما تخضع المجالات الأخرى لقوانين وضعية قد تستلهم بعض أحكامها من الشريعة.

التحديات العملية

  • تعدد مصادر التشريع بين الشريعة والقوانين الوضعية قد يخلق إشكاليات في التطبيق.
  • وجود جاليات غير مسلمة يستدعي مراعاة التعددية القانونية.
  • الحاجة إلى تحديث القوانين بما يتناسب مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية.

الأثر العملي والتوصيات

على الأفراد

  • ضرورة فهم العلاقة بين الشريعة والقانون الوضعي، خاصة في مسائل الأحوال الشخصية.
  • أهمية استشارة مختصين قانونيين عند التعامل مع قضايا ذات طابع شرعي.

على الشركات والمؤسسات

  • مراجعة العقود والسياسات الداخلية لضمان توافقها مع القوانين المحلية المستمدة من الشريعة.
  • الانتباه إلى المتطلبات القانونية الخاصة بالمعاملات المالية، المواريث، وغيرها من المسائل ذات الصلة.

على المشرعين وصناع القرار

  • أهمية الموازنة بين احترام أحكام الشريعة ومتطلبات الدولة الحديثة.
  • تعزيز الحوار بين الفقهاء والمشرعين لتطوير قوانين تحقق العدالة وتواكب العصر.

خاتمة

تظل قضية إلزامية الشريعة الإسلامية بين القوة الذاتية والتبني التشريعي من القضايا المحورية في الفكر القانوني الإسلامي. وتبرز تجربة الإمارات نموذجًا عمليًا في التوفيق بين قدسية الشريعة ومتطلبات الدولة الحديثة. لمزيد من الاستشارات حول تطبيق الشريعة في القانون الإماراتي، يرجى التواصل مع فريقنا القانوني.

أسئلة شائعة حول أحكام الشريعة الإسلامية بين القوة الذاتية والتبني التشريعي:

 

س: هل جميع أحكام الشريعة مطبقة في قوانين الإمارات؟
ج: تُطبق الشريعة في مجالات محددة مثل الأحوال الشخصية، بينما تخضع باقي المجالات لقوانين وضعية قد تستلهم بعض أحكامها من الشريعة.
س: هل يمكن الطعن في القوانين إذا خالفت الشريعة؟
ج: القوانين الوضعية ملزمة ما دامت صادرة عن السلطة التشريعية، إلا إذا نص الدستور على أولوية الشريعة في مسائل معينة.
س: ما الفرق بين الفقه والشريعة في التطبيق القانوني؟
ج: الشريعة تمثل الأحكام الإلهية العامة، بينما الفقه هو اجتهاد العلماء في تفسير وتطبيق تلك الأحكام على الوقائع العملية.
س: كيف تتعامل المحاكم مع التعارض بين الشريعة والقانون الوضعي؟
ج: غالبًا ما تعطي المحاكم الأولوية للنصوص الدستورية والقوانين النافذة، مع مراعاة أحكام الشريعة في المجالات التي نص عليها القانون.
Dr. Abdul Wahhab Abdool

الدكتور عبدالوهاب عبدول

الشريك الإداري

النشرة البريدية

سجل الآن لتصلك أحدث المستجدات القانونية، وآخر الأخبار، والفعاليات القادمة من بن نخيره ومشاركوه.

x

تواصل معنا

أبوظبي : منطقة الكرامة, شارع المطار, بناية الشيخة جميلة, مكتب 206

+971 2 633 9933

دبي : الخليج التجاري, شارع المستقبل, برج ايريس باي, مكتب 1610

+971 4 332 3231

الايميل: [email protected]

الاثنين – الجمعة : 08:00 – 18:00

السبت والاحد : عطلة

x